العجز العلفي في تونس الحلول موجودة لكن الإرادة مفقودة !

تاريخ النشر 16/02/2021


لماذا لا يتم تطوير البحوث العلمية باتجاه إيجاد تركيبة علفية تونسية بحتة ؟

تمثل الأعلاف على الدوام الهاجس الذي يؤرق مربي الأبقار نظرا لتكلفتها الباهضة، و نظرا كذلك للحاجة الدائمة واليومية إليها في تغذية الأبقار الحلوب أو المعدة للتسمين.
ولعل هذا الهاجس أخذ يكبر و أصبح يخيف الفلاح أكثر في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة المستوردة في عمومها من الخارج، علاوة على أنه لم يتم التوصل لحد الآن إلى إنتاج هذه الاعلاف في تونس.
ثم وفي جانب آخر لا يمكن لحد الآن على الأقل تعويض هذه الأعلاف بالأعشاب التي توجد في المراعي نظرا لعدم تلبيتها لحاجيات البقرة في مجال التغذية وتوفير كميات الحليب المطلوبة ولأجل هذا يبقى الفلاح مرتهنا إلى الأعلاف المركبة والمستوردة ، والى ضرورة مد الأبقار بها يوميا لتكون مردوديتها من الحليب مرتفعة
فكيف يتحصل الفلاح على أنواع هذه الأعلاف ؟ وماذا عن تركيبتها وأسعارها ؟ وهل بالإمكان إنتاج هذه الأعلاف عبر الزراعات الفلاحية التونسية ؟ وهل تمت تجارب في هذا المجال، أو على الأقل في أنواع منها لتخفيف الضغط على الدولة والفلاح في آن واحد، وفي الأخير على كلفة الحليب؟

الكلفة اليومية من العلف المركب لبقرة واحدة

تشير مصادر فلاحية تختص في تربية الأبقار الحلوب إلى أن حاجة البقرة اليومية من الأعلاف المركبة تتراوح بين 12 و15 كلغ. وهي قيمة هامة تكلف الفلاح قرابة بين 11و 13دينارات يوميا دون احتساب حاجيات البقرة الأخرى من الأعلاف التبنية أو ما يتعارف عليه بالقرط والماء.
وهذه التكلفة اليومية ضرورية وأساسية على اعتبار أن أنواع الأعشاب الأخرى لا يمكنها أن تعوض العلف المركب حتى خلال فصل الربيع وتوفر الأعشاب بالمراعي.
وهكذا فإن الفلاح مجبر على توفير هذه الكميات من الأعلاف المركبة ودفع معاليمها للحفاظ على مستوى الإنتاج من الحليب خلال كل الفصول وعبر كل المراحل التي تمر بها البقرة.

مكونات الأعلاف المركبة وأساليب توفيرها للمربي

تتكون الاعلاف المركبة الموجهة للأبقار الحلوب من جملة مواد لعل أبرزها الأملاح المعدنية ( "المستورة أو القطانية"، الشعير، الفصة, والفول) وجملة هذه المكونات تجلب بنسبة 90 في المائة منها من الخارج سواء من طرف الدولة أو عن طريق الخواص.
وتشير مصادر مهنية إلى أن آلاف الأطنان من هذه المواد تستورد سنويا، وعلى مدار المواسم فكيف يتحصل عليها مربو الابقار؟
إن هذا المجال يديره وسطاء في جلب هذه المواد، وعبر هؤلاء يدخل أصحاب المطاحن الخاصة بطحن الأعلاف على الخط ليتولوا خلط وتحويل العلف المركب، وهي سلسلة من المتدخلين التي زادت في رفع أسعار هذه الأعلاف، علاوة على اسعارها العالمية التي تضاعفت خلال الفترة الأخيرة بما يفوق ضعفي أسعارها خلال السنة الماضية ولعل جملة هذه التكاليف تتكبدها الدولة عبر التعويض والفلاح الذي لا مفر له في التزود بها.

قشرة اللوز الأخضر وفضلات بعض المواد المحولة كالطماطم والبرتقال يمكن أن تكون محل دراسة لاعتمادها في استنباط تركيبة علفية جديدة

الأعلاف المركبة وإنتاجها في تونس

على قاعدة تناولنا لموضوع الأعلاف المركبة، وكلفتها وحاجة مربي الأبقار اليومية إليها، ونزيف العملة الصعبة من أجل توريدها، يطرح سؤال أساسي يتمثل في الآتي: لماذا لم يتوصل جهاز الإنتاج الفلاحي الوطني إلى توفير وإنتاج المواد المكونة للعلف المركب، خاصة وأنه في نسبة هامة منه يتركب من أنواع من الزراعات الفلاحية القابلة للإنتاج في تونس؟

ولعلنا لو استثنينا الأملاح المعدنية على اعتبار أن الصناعة التونسية غير قادرة على توفيرها، أو لا تقدر على توفير الكميات الكافية منها، فإن "المستورة" أو القطانية كما يتعارف على تسميتها في تونس، والشعير، والفصة، والفول تبقى في متناول الفلاحة التونسية، ويمكن عبرها توفير جانب هام من مكونات العلف المركب، وبالتالي الضغط في جانب كبير على تكاليف هذه المادة.
وفوق كل هذا، وعملا على دعم وحماية قطيع الأبقار في تونس، وكذلك دعم المربين عبر للضغط على تكاليف الحليب عند الإنتاج والجمع والتحويل، يمكن أيضا دفع البحث العلمي وتعميقه باتجاه إيجاد تركيبة جديدة لعلف مركب، يكون تونسيا بحتا، ويتركب من مواد إنتاجية فلاحية أخرى ذات قيمة هامة.
وفي نظرنا فإن الفيتورة المستخرجة من تحويل الزيتون، وبعض أنواع النباتات التونسية مثل ورق الزيتون، وايضا قشرة اللوز الأخضر وشجرة الطرفاء ولاكاسيا وغيرها من النباتات وفضلات بعض المواد التونسية المحولة كقشرتي الطماطم والبرتقال يمكنها أن تكون محل بحث ودراسة لاعتمادها في استنباط تركيبة علف مركب تونسية ، كما يمكن استغلال مساحات زراعية كبرى لإنتاج المستورة والشعير والفصة والفول باعتماد كميات المياه المستعملة التي تتوفر في كل الجهات عبر وحدات تطهير المياه ورسكلتها
وكاستنتاج عام فإن الحلول للتقليص من العجز العلفي في تونس موجودة لكن الإرادة لتطبيق هذه الحلول لا تزال مفقودة